نهاية حلم وبداية مسار / سيد أحمد م.باب
كاتب صحفي

شكل لقاء الرئيس بالأطر فى مدينة تمبدغه ليلة البارحة محطة غير متوقعة لدى مجمل السياسيين الحالمين بخلافة صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزوانى فى هرم السلطة بموريتانيا ، وهو لما يكمل عامه الثانى فى الكرسى من مأموريته الثانية ، لكنه بالنسبة للبعض الآخر كان فرصة لتصحيح الأخطاء الآخذة فى الاستفحال، ووقف مسار الخلافات داخل هرم الجهاز التنفيذى، وقطع الطريق أمام سلوك مختل وغريب ، بعدما بات البعض فى وضعية غير طبيعية بالمرة، مكرسا جل وقته لبناء صورة زائفة من النفوذ والحضور بين جمهوره وبعض دوائر الحكم الدنيا ، مقدما نفسه فى صورة البطل الذى يعمل الجميع من أجل تهيئة المسرح لصالحه فى انتظار تتويجه بقيادة البلاد 2029 ، دون إنجاز يعزز مسار التنمية المقام به، أو مساندة واعية للبرنامج الحكومى الذى تعكف عليه حكومة الوزير الأول المختار ولد أجاي بتوجيه ومتابعة من صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني، أو تخفيف وتيرة الضغط على الفريق الحكومى المتفرغ للعمل الميدانى، والمنشغل بتدبير أمور بلد أنهكته عقود من التسيير الخاطىء والفساد الكبير.
لقد كانت ليلة صعبة بالفعل على معسكر “الخلافة” ، لكنها كانت فرصة لإزاحة الغم عن جمهور واسع من أبناء البلد، جمهور ظل يعتقد ولا يزال أن مجرد الحديث عن خلافة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني فى الوقت الراهن مجرد سوء أدب مع الرجل، وطعن للأغلبية فى أعز ما تمتلك (الإنسجام الداخلى) ، وتشويش على المقام به من أعمال تنفع الناس وتمكث فى الأرض.
لقد كان استهجان الرئيس لمثل هذه المسلكيات فى محله، ونصحه للمنشغلين بهذه الترهات نصح صادق أمين ، وتحذيره العلنى لأصحابها إجراء رادع وحاسم ، فهل استوعبت أطراف المشهد رسالة الرئيس من تمبدغه ؟ وهل يحتاج البعض بعد هذا التوضيح لتوضيح آخر؟
لقد تجاور البعض حدود اللباقة ، وبالغ البعض فى اختيار صبر الرئيس فى أكثر من موطن ، وفسر البعض تغاضيه عن الأخطاء المتكررة والتجاوزات الملاحظة تفسيرا مغايرا للأمر الواقع، ولم يستوعب أنصار البعض ومحازبيه أنهم يلعبون بالنار مع رجل يتقن فن التدمير والتمزيق وقلب الطاولة على الرؤوس متى أحس بالحاجة لذلك، وأن منطق التسامح الذى يتعامل به مع الناس هو سجية من سجاياه وليس موقفا أملته معطيات القوة أو التأثير من حوله ، وأن المنطق الأخلاقى الذى يدير به المشترك مع الغير لامجال فيه للضعف أو القبول بخرق القانون والأعراف الدستورية ، وأن تكوينه العسكرى وتجربته الممتدة لعدة عقود يستحيل معها التعايش مع بعض المسلكيات المهددة لإستقرار النظام أو صورة الرئيس ، أو القبول بما يشكل أدنى تهديد للوحدة الداخلية للجهاز الذى يحكم به.
إن خطاب البارحة بقدر ما أنهى الجدل بشكل لارجعة فيه حول الأسماء المتداولة لخلافة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ، ترك الباب مفتوحا أمام الإصلاحات الدستورية المحتملة ، وأعاد توجيه البوصلة نحو المسار الصحيح ، وفتح فرصا جديدة لكل راغب فى خدمة بلده ، مذكرا بأن المرحلة الحالية، هي مرحلة البناء والوفاء بالإلتزامات، ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية بروح الفريق الواحد.




