أبناء بلا هوية..وجع يطارد أبناء المطلقات في نواكشوط الجنوبية

تشهد ولاية نواكشوط الجنوبية ظاهرة اجتماعية متنامية باتت تؤرق العديد من الأسر، وهي معاناة أبناء المطلقات في الحصول على أوراقهم المدنية. هذه المشكلة، رغم طابعها الإداري، تحمل في طياتها أبعادًا إنسانية واجتماعية عميقة، وتكشف عن ثغرات في الواقع الأسري والإداري على حد سواء.

جذور المشكلة: الطلاق وما بعده

بعد وقوع الطلاق، تتعرض الكثير من الأمهات لممارسات غير منصفة من طرف الأزواج السابقين، حيث يرفض بعض الآباء التجاوب في عمليات الإحصاء المدني الخاصة بأبنائهم، إما بدافع الانتقام أو بفعل الخلافات المتراكمة بينهم وبين الأمهات.
هذا الرفض يترك الأطفال في وضع إداري هش، إذ يحرمهم من الحصول على الوثائق المدنية الأساسية كالرقم الوطني، وشهادة الميلاد، وبطاقة التعريف لاحقًا.
النتائج المترتبة: أبناء بلا هوية

تنعكس هذه الأزمة بشكل مباشر على حياة الأطفال، إذ يجدون أنفسهم مهمشين إداريًا واجتماعيًا.
لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس أو متابعة تعليمهم بشكل رسمي.
يُحرمون من الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.
يعيشون في وضع قانوني غامض، وكأنهم “مواطنون بلا هوية” في وطنهم.
كما أن الأمهات يتحملن عبئًا نفسيًا واجتماعيًا إضافيًا، نتيجة محاولاتهن المتكررة لتسوية الوضع دون جدوى، في ظل تعقيد الإجراءات القانونية والإدارية وضعف تدخل الجهات المعنية.
شهادات من الواقع: وجع الأمهات وصمت الأطفال
تقول إحدى الأمهات في حي الرياض:
“ابني بلغ السابعة ولم أستطع تسجيله في المدرسة، لأن والده يرفض القدوم للإحصاء. كلما ذهبت إلى المصالح الإدارية يقولون لي: لا شيء بيدنا دون الأب.”
هذه الشهادة ليست استثناءً، بل تمثل نموذجًا متكررًا في أحياء نواكشوط الجنوبية مثل الميناء، عرفات، والرياض، حيث تزداد الحالات مع مرور الوقت دون حلول ملموسة.
مسؤولية من؟ بين القانون والواقع

من الناحية القانونية، يُعتبر الأب هو الولي الشرعي المسؤول عن تسجيل الأبناء وإتمام وثائقهم، غير أن غياب آلية تلزم الآباء المتخلفين عن هذا الواجب يجعل القانون عاجزًا أمام الواقع.

ويرى بعض النشطاء الاجتماعيين أن الحل يكمن في تعديل النصوص القانونية بحيث تُمنح الأم حق مباشرة الإجراءات الإدارية في حال امتناع الأب، حمايةً لحقوق الطفل.

دعوة للتحرك

إن ما يعيشه أبناء المطلقات في ولاية نواكشوط الجنوبية ليس مجرد “مشكلة أوراق”، بل قضية كرامة وهوية وإنسانية.
لذلك، أصبح من الضروري أن تتدخل السلطات الإدارية والقضائية لإيجاد حلول عاجلة تضمن للأطفال حقهم في التسجيل المدني، وتمنع استخدام الخلافات الزوجية كسلاح لمعاقبة الأبناء.
فالأطفال ليسوا طرفًا في النزاع، بل ضحايا صامتون يدفعون ثمن خلاف لم يكن لهم فيه يد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى