مرثاة المجلسي للشيخ العلامة: محمد عبد الرحمن ولد أحمد(ولد فتى)

مُصابٌ يَهُدُّ الأخشَبَين اختِبارُهُ..
وحُزنٌ مُثارٌ في البلادِ غُبَارُه
وسَيلُ دُموع يَجرِف الأُنسَ باكِيا..
زَمانا تولَّى لا يُطاق دِبارُه
ترى عندَه الثَّكلَى مُصابَ وَحيدِها..
يَسيرا خفيفَ الهمِّ يُلغَى اعتبارُه
فًذُو الرُّشدِ فينا حائرُ النفسِ ذاهِلٌ..
وذو الصَّبر منَّا غاب عنه اصطِبَارُه
مضى عابدُ الرحمن فالخطبُ ساجِرٌ..
تُذيبُ فؤادَ الثَّابت الجَلدِ نارُه
مضى عابدُ الرحمن ذُو العلم والتُّقى..
وغَرسِ المزايا حيث كان مَسارُه
إمامٌ حكيمٌ دائمُ البِشر ناصحٌ..
أديب رشيقُ اللفظِ حُلوٌ حِوارُه
بهِ يُقنَصُ اللفظُ الشَّرودُ وتَنجَلي..
معانيه عن فهمٍ يُفكُّ إِسارُه
ويُقرئ آياتِ الكتاب مفسِّرا..
فتُلقِي يواقيتَ المعاني بِحارُه
وكم بَثَّ من عِلمٍ مفيدٍ مُؤصَّلٍ..
برَوضٍ دَنَت للطالبين ثِمارُه
وَكان إلى التَّوحيد يَدعو مبيِّنا..
وللسُّنة الغراءِ كان انتِصارُه
وكان غِناهُ عن أُولي الطََولِ ظاهرا..
ولله ذي الآلاءِ كان افتِقارُه
وكان خطيبا في المجامع مِصقَعا..
ونَصرُ قضايا المُسلِمين شِعارُه
بَكَتهُ أفاويجٌ من الناس صِدقُها..
جَليٌّ، ومرآها جميلٌ منارُه
ويَبكيهِ كُرسِيُّ العلوم ومِنبرٌ..
تطاولَ في ظلِّ البيانِ ازدهارُه
ويَبكيهِ طلَّابُ العلوم بِحُرقةٍ..
وتَبكي النِّساءُ المؤمناتُ، وجارُه
فسامعُ علمِ الشيخ فيمَ انتظارُه..؟
وعارفُ حقِّ الشيخ كيف اعتذارُه !؟
ففيه يُعَزَّى العلمُ والحِلمُ والنَّدَى..
وكَفُّ الأذَى حتَّى يَزولَ ضِرارُه
وروضُ أكاليلِ الفُتوَّة باسما..
ونورُ بَهاءِ الشيبِ يَزهو وقارُه
وفيه تُعَزَّى أََربُعُ العِزِّ والعُلا..
ودَهرُ المعالي ليلُه ونَهارُه
وأهلٌ له والشَّقروِيُّون كلُّهم..
فدُورُهُمُ طُرًّا تُعزَّى ودارُه
وفيه يُعَزَّى المسلمون جميعُهم..
فهم أصلُه السَّامي به ونِجارُه
سَقى قبرَه الرحمنُ صَيِّبَ رَحمةٍ..
وعَفوٍ وغُفرانٍ يَدومُ انهمارُه
وجاورَ في جنَّات عَدنٍ نَبِيَّنا..
شفيعَ الوَرى مَن يُستَلَذُّ جِوارُه
عليه صلاةُ الله ما لاحَ نُورُه..
وفاحَ هُداه، واستُطيبَ مَزارُه.
محمد سالم المجلسي 19 من ذي القعدة 1446.
17/05/2025.